عبد الناصر الفكرة والطريق بقلم مكرم محمد أحمد
كتبت هذه المقالة عام 1970 بعد موت جمال عبد الناصر
*********
أن تنفطر النفوس لوعة ، أن يفجر الأسى دم القلوب
أن يفدحنا المصاب عن كل كلام .. عن كل شعار .. الا لا اله الا الله
أن يصيبنا الذهول فنرتمى على وجوهنا فى الشوارع نشق الصدور .. نلطم الخدود .. أن يسقط الهول الكبير بين أيدينا .. أن تدفق مصر شعبها فى جنازة بطول الوادى وعرض الدلتا وعمق التاريخ .. أن تقذف الأفواة حتى مهجة الفؤاد .. ذلك لا يكفى .. ان حزن مصر عليك أعمق من ذلك كله .
يامن تجمعت فيك أصلب ما فى ارادتنا .. أعظم أمانينا .. عصير حضارتنا .. أرق ماضى حشايانا .. أيها المعلم البطل .. الانسان الملهم ..
عندما سقط الهول بين أيدينا ، رفضنا أن نصدق الخبر .. خرجنا نبحث عنك .. فى الشوارع كتلك الليلة الأليمة من يونيو التعيس .. وعندما استرجعنا يومك الأخير فى نهاية ليل مضنى وحقيقة فاجعة ، بدا وكأن كل شئ قد جرى بترتيب أقدار ..
قلت لهم .. اننا فى سباق مع الموت .. كنت تعرف .. كنت تريد أن تنجز مهمة أخيرة .. أن تصنع سلام الأمة المقتتلة المحفوفة بالخطر .. ويشاء الرب الذى يحبك أن يصطفيك بعد أن انجزت مهمتك .. مهمتك وحدك .. يشاء الرب أن يقهر منك الموت حتى تصنع سلامنا المفقود .. بأعين عالمنا الذى نريد وانسانه الذى ننشد .. .. لطالما كانت مصر تسأل ماذا بعدك يا عبد الناصر .. وعندما سقط الهول بين ايدينا وتردت فى الذهول عقولنا .. أجاب المذهلون الثكالى فى الشوارع .. أجابوا من قلب الحزن العظيم : بالدم بالروح نفديك يا جمال .. وكنت الجثمان المسجى فى قصر القبة ..
ان اليقظة تختلط بالذهول ، والمعقول يلتبس مع غير المعقول .. لنجد فى صراخ الثكلى ذات الاجابة السليمة على السؤال الذى طالما فررنا منه .. ماذا بعدك يا عبد الناصر ؟؟؟ ان الجماهير تريد أن تفتدى فى رجلها المسجى فكرته الكبيرة ..
لقد كان أملا وكفاحا وتاريخا وأمة .. كان طريقا وفكرا .. وعلينا أن نحرس بين ظهرانينا عبد الناصر الطريق .. عبد الناصر الفكرة .. ان قبضة أيدينا لا تمسك بعده من حياتنا ما هو أثمن من فكرته .. وما هو أعظم من طريقه ..
ماذا بعدك يا عبد الناصر ...
بعدك مصر كلها .. مصر الجديدة فكرتك وأملك وشقاك ووجدك وضناك ..
ياأعظم مافى نفوسنا
ياأصلب ما فى ذواتنا
ويا أرق مافى حشايانا
*************** مكرم محمد أحمد
كلام جميل والاجمل واضع الموضوع وشكرا تقبلي كلامي
ردحذفاهلا ومرحبا --- نورت
حذف